بلغنى أَيُّهَا الأميرُ الصَّغِيرُ ذُو الْعَقْلِ الْكَبِيرِ أَنَّ الْحَيَوَانَاتِ عُقِدْتِ عِدَّةً اجتماعات وَفَى أُخَرَ اجتماع قَرَّرْتِ بِالْأَجْمَاعِ إختيار الْأَسَدَ مَلِكًا لِلْغَابَةِ وَقَرَّرْتِ انتخابه لِأَنَّه قُوَى وعادل وَيَحُلُّ جَمِيعَ الْمَشَاكِلِ وَفَّى الْحَقَّ لَا يُجَامِل .
وَتَمَرُّدُ النَّمِرِ وَأَبْتَعِدُ وَاعْتَرَضَ عَلَى نجاح الْأَسَدِ وَلَمْ يَحْتَرِمْ رَأَى الْأَغْلَبِيَّةُ وَلَمْ تَكُنْ عِندَهُ روح رِيَاضِيَّةٍ وَأَدْعَى أَنَّهُ أَقْوَى مِنَ الْأَسَدِ وَلَمْ يُصَدِّقُهُ أَحَدٌ وَظَلَّ يُطْلِقَ الشَّائِعَاتُ وَيَدَبُّ الْمُوَامَرَاتُ وثَارٌ عَلَى الْعَاذَاتِ وَالتَّقَالِيدَ ووَاصَلَ التَّهْدِيدُ وَالْوَعِيدَ .
وَلَكِنَّ الْحَيَوَانَاتِ رُفِضَتْ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ وَأُكِّدْتِ تَأْبِيدَهَا لِلْأَسَدِ مَلِكًا إِلَى الْأَبَدِ وَقَابِلُهُ الْقِرْدِ فِي الطَّرِيقُ وَنُصِحة بِأَسْلوب رَقِيقِ وَعَرْضْ عَلَيْهِ مَنْصِبُ الْوَزِيرِ فَقَالَ هَذَا مَنْصِبُ صَغِيرٌ وَقَالَ إِمَّا أَنْ أَكُونَ مَلِكًا أَوْ لَا أَكُونَ وَشَعِرَ النَّمِرُ بِالْغَضب وتمردَ بَلَا سَبَبٌ وَقَاطِعَتُهُ حَيَوَانَاتِ الْغَابَةِ فَشَعْرُ بِالْحُزْنِ وَالْكَابَةَ .
وَتُطُورْتِ الأمُورَ وَقَرْرَ النَّمِرُ الْمَغْرُورُ أَنْ يُغَادِرَ الْغَابَةُ فى الْفَجْرَ وَظَلَّ يُوَاصِلَ السَّيْرُ فِي الصَّحْرَاءِ الْجَرْدَاءُ وَلَمْ يَعْثِرْ عَلَى مَاءٍ وَظَلَّ عِدَّةُ أَيَّامٍ بَلَا طَعَامٌ .
وَتُدُهْوِرْتِ صِحَّتَهُ وَضْعِفَتْ قُوْتُهُ وَذَاقَ الذُّلُّ وَالْهَوانُ وَالْجُوعُ وَالْحِرْمَانُ وَأَضْطَرُّ أَنْ يَأْكُلَ بَقَايَا طَعَامِ الْكِلابِ وَطَارَدْتِهِ الْحَشَرَاتِ وَالذُّباب .
وَفي أَحَدُ الْأَيَّامِ أُصَابَهُ الصَّيَّادُونَ بِالسِّهَامِ وَشَعْرَ بِالْآلَمِ وَسَقَط وَأَصْطَرَبُ وَلَكِنَّهِ أَسْتَطَاعُ الْهَرَبَ وَ بَعْدَ الْأَصَابَةُ أَشْتَاقُ إِلَى الْغَابَةِ وَلَمْ أَشْتَدُّ بِهِ الْأَلَمَ شَعْرٌ بِالنَّدَمِ وَكَادَ يَمُوتَ مِنَ الْجُوعِ فَقُرْرَ الرُّجُوعُ .
وَوَقْفُ النَّمِرِ أَمَامَ الْأَسَدِ فِي خَجَلُ وَأَكُدُ أَنَّهُ نَادِمٌ عَلَى مَا فَعَلَّ وَكَانَ لَدَيهِ الْأَمَلَ أَنْ يَعْفُوا الْأَسَدَ عَنْهِ وَلَا يَنْتَقِمْ مِنْهُ وَكَانَ الْأَسَدُ كَرِيمًا وَطَيِّبًا وَرَحِيمًا وَفُتِحَ لَهُ الْأَسَدَ دَارَهُ وَقَبْلَ أعتذاره .
سر
وَأَسْتَأْذِنُ النَّمِرَ الْجَرِيحَ أَنْ يَرْقُدَ لَكَى يَسْتَرِيحُ وَأَمَرَ لَهُ الْأَسَدَ بِمَا لذ وطاب مِنَ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ وَتَجْمَعُ حَوْلَهُ الْأَحْبَابَ وَالْتُزِمَ النَّمِرُ بِالسَّمْعُ وَالطَّاعَةُ وَعَدَمُ الْخُرُوجِ عَنْ رَأَى الْجَمَاعَةَ وَتَمَّ أستدعاء الْقِرْدَ في الصَّبَاحَ لَكِي يَصْمُدُ لَهُ الجراح وأحتفلت الْحَيَوَانَاتِ بِعَوْدَةِ النَّمِرِ الْعَائِدِ تَحْتَ رِعَايَةِ الْأَسَدِ الْقَائِدِ .